قصص وعبر عن الحياة ذات حكمة ومعني استمتعوا بها الآن من خلال موقع قصص وحكايات، قصة جديدة جميلة جدا تحمل رسالة عظيمة وعبرة جميلة ، بإمكانكم قراءة المزيد والمزيد من القصص والحكايات المفيدة والمعبر بمختلف أنواعها من خلال متابعتكم لقصصنا اليومية، نرجو أن تقضوا معها أوقاتا شيقة وللمزيد يمكنكم زيارة وتصفح تصنيف: قصص وعبر.
یحكي لنا الشیخ الحکیم (جریشان) من قدیم الزمان فیقول : کان یا مکان، کان هناك في قدیم الزمان، قرية من قرانا الجميلة اسمُها قرية ( زمان ) أبدع صنعها الرّحمن ، الزهور فيها أشكال وألوان .. تسطع الشمس فيها وماء النهر يُرويها، كانت في الحقيقة نعمة من نعم الخالق ، أحس بها أهل البلاد .. فحمدوا عليها رب العباد، وكان كل الناس سعداء بخيرات القرية الكثيرة، وميزاتها الكبيرة ، التي وهبها لهم الرحمن، لا سيما وأنهم کانوا من آذکی بني الانسان ، في ذلك الزمان .. يتمتعون بنور العلم وحلاوة الإيمان .
وکان مُعظم آبناء القرية من النَّابعين في العلوم ومن المُتقدّمين فى البحث والدّرس .. ولذلك تقدّمت قریة «زمان » ، علی غیرها فی کافة العلوم والفنون . ولكن ما هو السبب فى تقدّم قرية زمان ؟ أنا أقول لکم یا أولادي، كان سكان القرية ، قرية زمان، إلى جانب نور العلم وحلاوة الإيمان ، يتمتعون بسماحة الأخلاق لذلك عاشو فيوفاق ولم يعرف أحدهم يوما معنى الكذب أو النفاق.. وكان الصّغير.. فيهم يطيع الكبير ، من الخفير إلى الأمير . وکان فی القریة ولد صغیر کسلان کسسلان ، اسمه حمدان ، ينعس دائما وينام .. ولا يسمع الكلام، ولا يُفيد فيه نصح أو ملام . ضاق أبوه من فعله واشتكى لكل من قابله من سوء أحواله.. وها هو المسکین یجلس علی شاطیء النهر و هو حزین ... یفکر فی آفعال حمدان ... الذی قضی علیه بالذل والهوان . وبعد قليل مرّ عليه الحكيم مراد ... کأنما کان معه علی میعاد وفی الحال حکی آبو حمـدان للحکیم عن أحوال ابنه الکسلان ... و عن مُحاولاته المثيرة .. ونصائحه الكثيرة . لإصلاح أخطاء ابنه الخطیرة، فهو کسلان کسلان ... و عن کل شيء في الدنیا غفلان .
آقول له اذهب الی الاذکان فيذهب ليلعب فى أى مكان أقول له احمل الماء واتبعني إلى البستان، فينسى ما قلته الغافل الكسلان . اذهب يا حمدان واتنی بالاکل، يرجع إلى والبيض مکسور فی یدیه ... وباقی الأکل مسكوب والتراب علیه . آلاتری یا حکیم مراد ... ما فیه ابنی من فساد ؟ ومع ذلك لا يهتم بجلوسى طول اليوم .. وأنا حزین مهموم دون طعام او نوم ، ضحك الحکیم مراد وقال ـ يا أبا حمدان .. إن ابنك الغفلان .. سيظل هکذا کسلان .. إن لم يتحمل المسئوليات .. ويفكر في عواقب التصرّفات، کان الحکیم مرادُ من الحکماء المُحترفین .فهو أهم بني الانسان فى صناعة الأصباغ والألوان فضلا عن صناعة الكيماويات وغيرها من الأحماض والقلويات لذلك قال الحکیم مراد : اسمع يا أبا حمدان فسألحق ولدك الکسلان، عندی بمعامل الالوان، وسیکون أي إهمال .. محسوبًا عليه بالتمام والكمال وأي تصرف تقوم به یداه دون أن تلحظه عیناه ، سینقلب في الحال، علیه لا محال . جزع أبو حمدان .. وخاف على ولده الغفلان .
فضحك الحکیم وقال : لا تخف عليه فلن أوذيه ولكني فقط أريد أن أربیه و اعلمه جزاء الإهمال .. فيما يقوم به من ودخل حمدان . . معمل الكيماويات والألوان، ونظر حواليه فرأى قوارير الکيماويات والأصباغ، المُنتشرۃ فی کل مکان ... وسمِع الحکیم مُراد يُناديه وعلی العمل يوصیه ويوعيه، اسمع يا ولدي يا حمدان؟ هذا زمان يختلف عن سائر الأزمان فهنا لا كسل ولا توان . افتح عينيك .. وانظر حواليك .. وحاذر على يديك ورجليك ، ضحك حمدان، ذلك الكسلان، فصاح مراد، ناولنى القارورة الحمراء . تحرك حمدان ونظر حوله وهو سرحان و وضع یده في أي مکان ... فأمسك بالقارورة الخضراء وما أن اهتزت القارورة في یدي حمدان ... حتی سمِع دویا كدوي المدافع في الميدان .. وتطلع حواليه فأحس بدوار وسقط على الأرض .. ولمستُ يداه السائل المسکوب فأحسن بنار تکویه ... وبکلمات الحکیم مراد ترشده و تهدیه : اسمع یا حمدان الکلام ... وافهم ما اقول بالتمام .. فعندما أطلب اللون الأحمر ..
أحضر الأحمر لا الأخضر ، وعندما أطلب اللون الأصفر .. أحضر الأصفر لا الأحمر .. وإن لم تُنفذ ما أطلبه وتفتح عينيك فستهلك نفسك بيديك، ومرّت الدّقائق وحمدان لم يُفق من آلامه بعد . لکن صوت الحکیم مُراد ناداه فنظر الیه فی غیر انتباه . قال الحکیم : والآن ناولى القارورة الطويلة .. ذات الفتيلة .. فتحرك حمدان .. مرة أخرى وهو سرحان ، وأحضر القارورة القصيرة، بدون فتيلة . وفجأة صرخ وألقاها من يديه .. فسقطت فوق قدّميه .. وأحس بالألم يزيد عليه .. فنظر إلى وجهه ويديـه ورجليه .. وقد اصطبغت بالألوان، واحترقت فی کل مکان ، ضحك الحكيم مراد، وقال
هذا جزاء من يغفل وينام ولا يفكر في معني الكلام .. اسمع أيها الكسلان لا شك أنك تريد أن تُزيل أثار الحروق والالوان .. أطعنى إذن واسمع ما أقول بانتباه وستجد خيرًا إن شاء الله . هز حمدان رأسه في تسلیم فصاح به الحکیم : أعطني هذا اللون ..فجرى حمدان بسرعة ، ورجع بسرعة ، وجاء باللون المطلوب فى الحال، دون أي إهمال أو إمهال .. واستمرّ بعد ذلك على هذه الحال .. دون أن يحتاج إلى توجيه أي سؤال ، فقد حقق الحكيم مراد المُحال .. بأقل الأقوال، و اخیرا قال الحکیم : خذ هذا السائل وضعه على الحروق والالوان تزول بإذن الله الرحمن ولکني أریدك أن
تفهم يا حمدان أن الإنسان لم يخلق معصوما من الخطأ، فالكمال لله وحدّه ، لذلك أترك لك من الآن فصاعدا فرصة الخطأ خمس مرات .. فإنّك إنسان .. وبعدها أحاسبك أشدّ ممّا كان فهذا خير لك یا حمدان.. ومنذ ذلك الزمان .. وقعت بعض الأخطاء من حمدان ... ولکنه لم یتعدّ الحد الذی حدوده له الحکیم مراد ولم ينس فى مرّة من المرات .. النصائح والتعليمات .. وظل يعمل فى معمل الأصباغ والكيماويات .. بل وأصبح من أنشط العاملين .. ومن أنبه المُخترعين .. ومن العلماء المتفوقین.