لغز السفينة الشبح (ماري سليست)
بناء السفينة
على السواحل الكندية، بدأ العمل الجاد لتصنيع سفينة بحرية شراعية جديدة لكى تستخدم فى نقل البضائع و التبادل التجارى، حيث كان البحر هو الوسيلة السائدة للتجارة و التصدير فى ذلك الوقت.
فى عام 1861 تمت عملية بناء السفينة الشراعية الضخمة، حيث كانت تبلغ حمولتها حوالى 282 طن تقريبا، لتصبح السفينة جاهزة للتحميل و الإبحار.
حوادث غريبة
بدأت السفينة فى الإبحار، و لكن العجيب هو سلسلة الحوادث الغريبة التى تعرضت لها هذه السفينة منذ بداية تدشينها، ففى الرحلة الأولى لها توفى قائدها القبطان (روبرت ماكلاى) و هو ابن عائلة (ماكلاى) المالكة للسفينة و ذلك نتيجة لإصابته بمرض خطير فى الرئة لتنتهى حياته على متن السفينة، و فى الرحلة التالية انطلقت السفينة بعد وفاة قائدها فى ثوب من الحزن و الحسرة يحدوها الأمل، و لكن لم تلبث أن تمسح حزنها على القائد لكى تفاجأ بحادث جديد لتصطدم بقارب صيد بحرى لتصاب بعطل فنى، و لكن تم تحديد العطل و تمت معالجته، و استمرارا لمسلسل الحوادث الغريبة اصطدمت السفينة مرة ثانية بسفينة داخل القناة الإنجليزية، وخلال رحلة بحرية لنقل البضائع إلى أمريكا الجنوبية تعرضت السفينة لعاصفة قوية جدا لكى تصاب بضرر جسيم جعلها تتوقف لبعض الوقت عن الرحلات البحرية التجارية.
اسم مارى سليست
بعد هذه السلسلة من الحوادث الغريبة الغير مبررة التى تعرضت لها السفينة _تم بيع السفينة إلى شخص فى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قام هذا الشخص بتسجيل السفينة فى ولاية نيويورك تحت اسم (مارى سليست)،ثم قام ببيعها إلى شركة استثمارية و كان القبطان المخضرم (بنيامين بريدج) أحد الشركاء فى هذه الشركة و لذلك قام بقيادة السفينة فى عدة رحلات عبر المحيط الأطلسي.
لغز غريب
فى ديسمبر عام 1872 تم العثور على السفينة (مارى سليست) و هى فى وسط المحيط الأطلسي، و لا يوجد بها الركاب أو طاقم العمل الخاص بها، و لكن ترى ماذا حدث لهم ؟! _ تم العثور على السفينة التى أبحرت منذ قرابة الشهر و الغريب هو وجود المؤن الخاصة بها و الطعام و الأمتعة فى أماكنها الطبيعية ولكن لا أثر لوجود الركاب أو طاقم قيادة السفينة.
و بالعودة شهرا إلى الوراء حيث الزمان فى اليوم الخامس من نوفمبر من العام 1872، و المكان ميناء نيويورك حيث تستعد السفينة (مارى سليست) للإبحار فى رحلة بحرية تجارية جديدة، تحت قيادة القبطان (بنيامين بريدج) و ترافقه زوجته و ابنتهما فى هذه الرحلة. و كان بقية الطاقم يتكون من سبعة أفراد هم مساعد القبطان و طباخان و أربعة من البحارة ذوى الكفاءة المهنية و الخبرة الطويلة المتميزة. و أبحرت السفينة فى ذلك اليوم تشق مياه المحيط و متجهة نحو السواحل الإيطالية، و على متنها حمولة تقدر بحوالي 1701 برميل من الكحول الخام.
و بعد شهر من إبحار السفينة (مارى سليست) و بالتحديد فى يوم الخامس من ديسمبر فى العام 1872، كانت هناك سفينة أمريكية أخرى تشق مياه المحيط الأطلسي تحت قيادة القبطان (ديفيد مورهاوس) بالقرب من السواحل البرتغالية ، و فجأة لاحظ القبطان (مورهاوس) وجود سفينة أخرى على بعد خمسة كيلو مترات و لكنها تتحرك حركات غريبة و تتمايل بدون توجيه و لا توجد تحركات بشرية على سطحها. فأمر القبطان طاقم سفينته بالتقدم شيئا فشيئا نحو السفينة المجهولة ، و اقتربوا منها بالفعل و كانت الصدمة على وجه القبطان عندما وجد أن السفينة هى (مارى سليست) و تسائل متحيرا ” كيف ذلك؟ لقد أبحرت سفينتنا من ميناء (نيويورك) بعد إبحار السفينة (مارى سليست) بثمانية أيام و من المفترض أن تكون الآن قرب مضيق (جبل طارق)”.فعرف حينها أن شيئا ربما يكون قد حدث، خاصة مع عدم وجود حركة على سطح السفينة. و على الفور أمر القبطان (مورهاوس) أحد بحارته بالذهاب إلى السفينة (مارى سليست) لتفقد الأوضاع هناك.
وصل الرجل الذى أرسله القبطان (مورهاوس) و تسلق الحبال و صعد على سطح السفينة (مارى سليست) و كتب تقريرا عما رآه فى السفينة لكى يسلمه إلى القبطان (مورهاوس) و كان التقرير كالتالى :
- التحقق من مضخات السفينة فوجد أن أحدها ما زال يعمل أما الاثنان الآخران فكانا مفقودان.
- فى قمرة القيادة الساعة متوقفة و البوصلة محطمة و الأدوات الملاحية غير موجودة.
- جميع أوراق السفينة كانت مفقودة، باستثناء دفتر ملاحظات الذى يدون فيه قبطان السفينة ملاحظات الرحلة ، و آخر ملاحظة به كانت منذ عشرة أيام.
- جميع الغرف كانت سليمة ، و الأمتعة و الطعام و الماء و الملابس فى مكانهم الطبيعى.
- حمولة السفينة من براميل الكحول كانت سليمة، و لم تمس.
- وجود حبل قوى مربوط فى مؤخرة السفينة، و متدلى إلى داخل مياه المحيط.
- عدم وجود آثار تدل على إمكانية تعرض السفينة للغرق.
- لم يصدق القبطان (مورهاوس) و أرسل فريقا آخر من البحارة للتأكد من صحة ذلك التقرير و بالفعل كانت النتيجة كما هى، و تمت قيادة السفينة (مارى سليست) إلى مستعمرة (جبل طارق) البريطانية فى ذلك الوقت وتم إبلاغ السفارة الأمريكية بالحادث لتبدأ التحقيقات حول مصير أفراد السفينة.
تفسيرات
- بدأت التحقيقات وتم استبعاد هجوم قراصنة على السفينة لأن السفينة لم يسرق منها شئ و لا توجد آثار عنف على متنها.
- استبعاد احتمالية هروب الطاقم نتيجة للخوف من حدوث انفجار بسبب تسرب من حمولة الكحول، و لكن لا توجد تسربات من الحمولة و لا توجد آثار تدل على إمكانية تعرض السفينة للغرق.
- و تم استبعاد جميع الفرضيات و لم تصل التحقيقات إلى شىء يذكر ولم يحدد مصير الطاقم و الركاب المجهول.مما جعل الناس تختلق قصص عن وجود مخلوقات فضائية أو مخلوقات بحرية اختطفتهم.
نهاية مارى سليست
فى أثناء رحلة عودة السفينة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ضربتها عاصفة ليموت والد مالك السفينة، و ليقرر المالك بيع السفينة و بالفعل باعها. و بيعت السفينة أكثر من مرة حتى اشتراها القبطان (جى سى باركر) الذى قرر أن يغرقها ليحصل على أموال التأمين، و قام بتحميلها بحمولة كبيرة و لكنها لم تغرق و قام بحرقها و تقدم بطلب لشركة التأمين لصرف التعويضات و لكن الشركة اكتشفت تلاعب القبطان (جى سى باركر) و قامت بمقاضاته و مات فى محبسه قبل صدور الحكم عليه. و هذه كانت نهاية المالك الأخير للسفينة.
و ظلت السفينة (مارى سليست) فى مكانها حتى تفسخت بمرور الزمن، و ابتلعتها الأمواج المتلاطمة لتنتهى أسطورة السفينة الملعونة (مارى سليست) دون تفسيرات حتى الآن.