كلمات وعبر عن الحياة |
في كل يوم... اذهب وأجلس في نفس المكان المعتاد عليه، في تلك الأريكة أعد الثواني التي تمر، المنبعثة من ساعة الحائط التي تدق رأسي، وكلما تزداد الثواني تقل معها الثواني المتبقية لي من الحياة ، وأي حياة هي لم اعد في عمر السبعين ... وازدادت ستة عليها ! انظر حولي لأعيد الروتين اليومي القاتل لأجد تلك القطة التي يقل عدد أسنانها عما تبقى من أسناني، لأدرك أنها بحاجة للموت أكثر مما أنا أحتاج اليه ، تلك الستائر ، آه من تلك الستائر ، ليت في وسعي تمزيق ما تبقى من خيوطها المهترئة لأرى ذلك العالم الخارجي عبر تلك النافذة المحطمة ، لكن من أجادل ! وكيف عساني أن أرى ضوء الشمس من تلك المصانع الضخمة التي ملأت المنطقة ببنيانها.
لا بل كيف لي أن أتنفس بعد أن باتت رئتي لتلك الأدخنة السوداء التي لم أعد أعرف هل هي أدخنة ؟ أم سحبٌ رعدية، لم أعد مثل سابق زماني، فقد كنت يوماً ما أنظر من النافذة لأرى كل تلك البساتين الشاسعة وألعب من الصباح حتي المساء دون ان اشعر بأي تعب، ولم احلم يوماً ما أن الزمن سيأخذ مني كل ما أسعد طفولتي... نعم وبدون خجل ، أقصد نفسي ! وكيف بالشباب أن يمر والسنون تجري مثلما جرت قديماً وجرفت معها كل شيئ احبه الذي لم أتوقع يوما ما استطيع تحمل العيش في هذه الحياة بدونه.
آهٍ لو يعود الزمن ليكون برفقتنى الاحبة الذي ذهبوا الى حياة أخرى نجلس معهم فيها ولو لحظة واحدة نتذكر فيها كل الأيام الجميلة التي عشناها معاً كنا نضحك ونلعب ونحزن معا.
لحظة من فضلك أيها الزائر، انا قلت هذه القصة لك لكي ترتب المكان الصحيح للأحبة الذين يعشون حولك، لقد مرت علي سبعة عقود كالبرق كأني لم اعيشها، السنين تمر بسرعة كبيرة، الوقت كاسيف ان لم تقطعه قطعك، الزمن يؤدب الجميع، الزمن هو معلم من لا معلم له، الزمن يكشف كل شيء انه فصيح يتكلم دون ان يسأل او يستنطق.
التبذير في الوقت الملوم وحده دون حلات التبذير الاخرى، الزمن هو الثروة الوحيدة التي يجب علينا استغلالها في الاشياء الموجبة ليس السلبية.